أربعة غير قابلين للتكرار، شاء القدر أن يجمعهم في زمن واحد بل في صحبة رجل واحد إنه محمد رسول الله
- صلي الله عليه وسلم- الذي نقلهم من شخصيات مميزة في قومهم إلي علامات فارقة في تاريخ الإسلام.
أبو
بكر وعمر وعثمان وعلي.. الأربعة الكبار والصحابة الأوائل والرجال العظماء
الذين جمعوا بين عظمة الدنيا والآخرة، فتركوا بصمتهم في الحياة لنحلم بهم
ونتعلم منهم ونسير علي خطاهم، ورحلوا ليتمتعوا بحسن الثواب في الآخرة.
كل
واحد منا يشعر أن أحدهم أقرب إلي قلبه ويتمني رؤيته، وربما أغلبنا يحب
«عمر» في عصر اختفي فيه العدل، لكننا عندما نعرف أن عمر بن الخطاب كان
يتمني أن يكون شعرة في صدر أبي بكر الصديق ربما نغير آرائنا، لكن الأهم أن
نعرف أنهم «كالنجوم» مثلما قال عن النبي -صل الله عليه وسلم- «أصحابي
كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم» فلا فرق بين مكانة عثمان وعلي ومكانة أبو
بكر وعمر فكلهم بشرهم الرسول بجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين..
وما اتقاهم.
إنهم رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وليتنا نتعلم من صدقهم في زمن أنصاف الصادقين فيه يدخلون موسوعة «جينيس» للأخلاق القياسية!
رحم الله من رضي عنهم ورضوا عنه.
1- أبو بكر الصديق
لم
يتول أبو بكر الصديق الخلافة سوي عامين و4 أشهر، إلا أنه حقق الكثير في
هذه الفترة القصيرة فعلي الصعيد السياسي تمكن من فتح الشام والعراق كما
أنهي أزمة فتنة الردة أو ما عرف بحروب مانعي الزكاة وعلي صعيد نشر الدعوة
الإسلامية فقد تمكن من جمع القرآن للمرة الأولي خوفا من أن يموت في صدور
الحافظين له فأمر رضي الله عنه زيد بن ثابت أن يجمع القرآن.
والثابت
أن الاسم الكامل لأبو بكر هو عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن كعب التيمي
القرشي.. أبو بكر الصديق ولد سنة 51 ق.هـ الموافق 573 ميلاديا، أي بعد عام
الفيل بحوالي ثلاث سنوات وكان سيداً من سادة قريش وغنياً من كبار أغنيائهم.
وتشير المصادر التاريخية إلي أنه أحد الذين رفضوا عبادة الأصنام في
الجاهلية بل كان حنيفاً علي ملّة النبي إبراهيم لذلك كان أول من آمن من
الرجال وساند الرسول بكل ما يملك في دعوته وفيما بعد زوجه ابنته عائشة.
وتختلف
الروايات حول سبب تسميته بالصديق، فقيل لأنه صدّق محمداً في قصّة الإسراء
والمعراج، وقيل لأنه كان يصدّق النبي في كل خبر يأتيه وقد وردت التسمية في
آيات قرآنية وأحاديث نبوية عند أهل السنة والجماعة.
أما عن الصفات
الشخصية لأبي بكر فكان يعرف برجاحة العقل ورزانة التفكير، وكان أعرف قريش
بالأنساب. وكان ممن حرّموا الخمر علي أنفسهم في الجاهلية، وتعود علاقته
بالرسول إلي أنه كان يعيش في حي حيث يسكن التجّار؛ وكان يعيش فيه النبي،
ومن هنا بدأت صداقتهما حيث كانا متقاربين في السنّ والأفكار والكثير من
الصّفات والطّباع
وتعد حادثة الغار هي أشهر الحوادث التي تعرض لها
أبو بكر في حياته وتعود هذه القصة إلي أنه كان منتظرًا قرار الرسول بالهجرة
حتي يهاجر معه فجهز راحلتين لهذا الغرض واستأجر دليلا ليدلهما علي الطريق،
وفي ليلة الهجرة خرج الرسول عليه الصلاة والسلام في الثلث الأخير من الليل
وكان أبو بكر في انتظاره ورافقه في هجرته وبات معه في غار ثور ثلاثة أيام
حتي هدأت قريش في البحث عنهما فتابعا المسير إلي يثرب، ويروي أنه خلال
الأيام الثلاثة جاء كفار قريش يبحثون عنهما في غار ثور إلا أن الله أمر
عنكبوتا بنسج خيوطه علي الغار وأمر حمامة بوضع بيضها أمامه، مما جعلهم
يشككون في وجودهما داخل الغار ووفقاً للروايات قال أبو بكر للنبي :«لو أن
أحدهم نظر إلي قدميه لأبصرنا» فطمأنه قائلاً : «يا أبا بكر ما ظنك باثنين
الله ثالثهما؟ لا تحزن إن الله معنا».
وقد تولي أبو بكر الخلافة يوم
الثلاثاء 2 ربيع الأول سنة 11هـ، وتوفي في يوم الاثنين 22 جمادي الأولي
سنة 13 هـ وابتدأ حكمه بخطبة شهيرة قال فيها : أيها الناس إني وليت عليكم
ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة، والكذب
خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتي أريح عليه حقه إن شاء الله، والقوي فيكم
ضعيف حتي آخذ الحق منه إن شاء الله، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا
ضربهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم قط إلا عمهم الله بالبلاء،
أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم».
وخلال
فترة حكمه خاض حروب الردة؛ ضد أولئك الذين رفضوا دفع الزكاة، وأرسل جيشاً
بقيادة أسامة بن زيد كان قد جهزه النبي محمد صلي الله عليه وسلم قبل وفاته
لقتال الروم.
وقبيل وفاته، شاور طائفة من ذوي النظر والمشورة من
الصحابة، فاتفقت كلمتهم علي أن يعهد بالخلافة من بعده إلي عمر بن الخطاب
ووفقا لابن كثير: «فإن أبا بكر خشي علي المسلمين أن يختلفوا من بعده ثم لا
يجتمعوا علي رأي، فدعاهم لما أثقل عليه المرض إلي أن يبحثوا لأنفسهم عن
خليفة من بعده. إلا أن المسلمين لم يتفقوا فيما بينهم علي من يخلف أبا بكر،
فوضعوا الأمر بين يدي أبي بكر، وعندئذ أخذ يستشير أعيان الصحابة، كلاً
منهم علي انفراد، ولما رأي اتفاقهم علي جدارة عمر وفضله، طلع علي الناس
وأخبرهم أنه قد استخلف عمر عليهم، فقالوا جميعاً: سمعنا وأطعنا».
هزه هي الحلقة الاولي مع ابو بكر ,الي اللقاء مع الحلقة الثانية مع الفاروق عمر
{منقول}